التخطي إلى المحتوى الرئيسي

كثرة بقلة

أكاد لا أعرف من هو سعيد حقا و من هو معانق لآهات التعاسة..الجميع من حولي إلا و لديهم مشكلة تأرق مضجعهم و تحول بين النوم و بين عيونهم أن يمسها برفق و رقة.. هذا في الحقيقة يزيدني أملا و يغمرني طمأنينة أن أعرف و أتأكد أنني لست الوحيدة من تعصف بها الأزمات من حين لآخر بل بالعكس..معرفة مشاغل من هم حولي و مشاركة أحبائي المشاعر المزعجة و أحاسيسهم المتقدة حيال الأحزان يجعلني أنسى همي و غمي و أعجل إلى ربي ليرضى. البشرية تعاني من الاكتئاب و التيه و الضياع.. و كم كثرت كتب علم النفس و تلك الخاصة بالتنمية البشرية و التي تدعو إلى السعادة و الكتب التي تدخل في عالم الأحزان لتكشف كينونتها و ماهيتها الحقيقية..و زد على هذا المحاضرات و الأبحاث و العلماء و غيرها من إعصار البحث عن السر لمرض البشرية في عصرنا الحالي. و هل نجحوا؟ لا أظن ذلك.لأنك كلما بحثت عن الحل إلا و قد وجدت أن المشكلة قد تعقدت أكثر. ففي نظري أن الفلسفة الزائدة و المصطلحات المتراكبة فوقها بعض فوق لا تراها إلا و قد زادتك تيها و ثكلا. أكتب هذا و قد قرأت العشرات من الكتب من هذا النوع و استمعت لمحاضرات و شاهدت أشرطة تجعلك تنتفض انتفاضة حماس و لهفة و رغبة في تطبيق كل ما سمعته و تعلمته. و من ثم يهجم عليك وحش الإحباط و التثبيط و يلقي بأذرعه اللامنتهية على كامل روحك و عقلك ليسانده بعد ذلك و يدعمه دعم الفيلق وحش آخر يسمى الخمول و الكسل الذي سيلف جسدك لتجد نفسك في آخر اليوم التالي ملقى على سرير لا تعرف ما يمنعك من الوقوف و الحراك و كأن بدنك قد شلت و هو في حقيقة الأمر شلل الدماغ بكل مقاييسه و بكل ما تحمله كلمة شلل من معنى. فماذا قدمت لنا تلك المساعدات؟ أم المشكلة فينا و ليست فيما نتلقاه؟ فالعلماء في هذا المجال له من الخبرة ما لا يستطرد بألفاظ قليلة و لهم باع طويل في نجاعة أفكارهم و علمهم و مساندتهم للآخرين..إذن فالمشكلة فينا حقا؟ نحن من لا يريد التقدم و التطور.. و على الأرجح لا نريد مواجهة أنفسنا بأننا ضعفاء و بخلاء و أشحاء من أجل إنفاق بعض النشاط البدني و حرق بعض السعرات الذهنية. و مع ذلك نرجع دائما لنقول بغير فقه فقط لمجرد القول و لنبين أننا مثقفون و أننا على هدى لنعود و لنقول أن سعادة البشرية تكمن فقط في طاعة رب البرية و أنه لا منفذ للحياة الطيبة إلا بإتباع ما أمر به الله العظيم و رسوله الصادق الأمين و هذه حقيقة جلية لا يتناقش فيها اثنين و لا يختلف فيها عاقلين .قال الله تعالى " ((وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى))[طه:124-126] و لكن السؤال الذي يعتري عقلي و يعصف بقلبي: هل نحن لسنا من الذين أعرضوا عن ذكر الله جل و علا؟ هل نحن لسنا من الذين نسينا آياته تقدس و تعالى؟ و بما أننا نعرف أن السعادة في طاعة رب العلمين، فكيف هو استسلامنا له؟ و الانقياد لأوامره؟ و كم نحفظ من القرءان؟ و كم نفهم من حديث؟ و ماذا نعرف عن أسمائه و صفاته؟ و ما نفقه من العبادات القلبية؟... أدركت أن التعاسة كل التعاسة في نفاق أنفسنا و الكذب عليها و خداعها بالدرجة الأولى..و ما أقول إلا أننا لم نبذل مجهودا قط في الاستيعاب الصحيح لمفهوم السعادة الدائمة و مع ذلك يمن الله علينا برحمته و جوده و كرمه بلحظات سعيدة و إن بدت لنا أننا صغيرة فهي كبيرة فقط لو ركزنا على قيمتها و قدرها.. و رغم آلامنا و أحزاننا إلا أننا في واقع الأمر سعداء لأننا ما زلنا على قيد الحياة. بقلم سهيلة سعدوني

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أحابيل الشيطان

أحابيل الشطيان بعد أسبوع من المعاناة و التقلّبات المزاجية أنهيت رواية قواعد العشق الأربعون و بيدي سبعة قصاصات تحوي نقاطا و أفكار استنبطتها من الكتاب و هي كثيرة جدا، ولكنني سأحاول قدر المستطاع أن أدرجها بالترتيب الذي كتبته و أن أمحصّها و أحلّل الأهم منها حتى لا يتحوّل مقالي إلى جريدة. 1-   عنوان الرواية هو قواعد العشق الأربعون رواية عن جلال الدين الروميّ و بداخلها رواية بعنوان " الكفر الحلو" و هذا كان متعمّدا من الكاتبة التركية لأنّها تؤمن بالباطنية، الباطنية التي تحدّثت عنها طوال الرواية في شخصياتها و أحداثها و قواعدها. فالعنوان الأول يجذب القرّاء و أقطع يدي إن لم يكن جلّ من قرؤوا الرواية كان دافعهم العنوان و معرفة كيف يوقعون من يحبونهم في العشق !! . و هذا ما أردته الكاتبة تماما و قد نجحت فيه. أمّا نيّتها فهي أن توقعهم في متاهات التفكّر الشاذ و التأمّل اللاّمنطقي للدين عبر العنوان الثاني للرواية الداخلية و هو " الكفر الحلو" .و أنا بدوري تأمّلت ذكاءها الذي يشبه لحد كبير دهاء و مكر اليهود حين يخططون و يرسمون للإيقاع بأعدائهم ) نحن و غيرنا ( بتقديم شراب الب

قراءة لمسرحية كل شيء في الحديقة لجايلز كوبر

في حياتي كلها لم أقرأ إلا مسرحيتين الأولى كانت بعنوان la sauvage   أي المتوحشة لكاتبها جون أنوويل و ذلك حين كنت أقضي أيام العطلة الصيفية في منزل جدتي حيث كنت أنكبّ على مطالعة كتب الجيب الصغيرة جلّها لكتاب فرنسيين كان خالي يكسبها لعشقه للأدب الفرنسي. و الثانية هذه المسرحية بعنوان everything in the garden  للكاتب البريطاني جايلز كوبر و ما دفعني لقراءتها هو حديث صديقتي البرازيلية أنيتا الواقعة في غرام الأدب الانجليزي و خاصة المسرحيات عنها. المسرحيات التي أفضل مشاهدتها و لا أهتم كثيرا بقراءتها ذلك لأنني أشعر أنني سأصاب بالملل حين أنكبّ على قراءة حوار لا ينتهي من حيث أنه لا يوجد سرد للأحداث و غير ذلك. المسرحية تجري أحداثها في ضاحية من ضواحي لندن أين يعيش بعض الموسرين الذين بدت عليهم البحبوحة و الأبهة رغم مناصب شغلهم المتواضعة. و بطلا المسرحية هما برنارد و زوجته جيني اللذان يحلمان بشراء بعض الحاجيات و لكنهما لا يملكان المال الكافي لذلك. فتقرر الزوجة جيني أن تضع إعلانا في الجريدة للحصول على عمل الشيء الذي يرفضه برنارد بشدة. و المفاجأة تحدث أو تبدأ حين تزور جيني يهودية تتاجر

قراءة في كتاب: النهضة من الصحوة إلى اليقضة للدكتور جاسم سلطان

معلومات عن الكتاب: الكاتب هو المفكر القطري جاسم سلطان  صاحب مشروع النهضة، و للمزيد من المعلومات عنه و ما يقدمه، أحيل عزيزي القارئ إلى هذا الرابط:  http://www.4nahda.com/user/9 عنوان الكتاب : النهضة من الصحوة إلى اليقضة  و هو الجزء الأول من سلسلة أدوات القادة في مشروع النهضة المجال : فكري تنموي نهضوي عدد الصفحات : 259 المقدمة : اشتملت على نقاط محددة لبدء عملة تناول الموضوع فكريا و وجدانيا، لذلك استعمل الكاتب مصطلحات معينة في مقدمته و هي كالآتي:  الفهم : أي فهم الموضوع من جميع جوانبه، و بالأساس فهم مسألة النهضة و طرح استشكالات عنها لتحديد ماهيتها و كيفية القيام بها. خارطة ذهنية :  تشبه قاعدة البيانات للإلمام بهذه القضية، الملاباسات و المعطيات و الطريق و الأرقام و الأمثال.... ثم عرج الكاتب سريعا على خطة بحثه و التحديات التي واجهها و هو بصدد تأسيس المشروع برمته مشروع النهضة. التمهيد: يبدأ فيه بتعريف النهضة على أنها حركة فكرية عامة منتشرة تتقدم باستمرار في فضاء القرن،  و تطرح الجديد دون قطيعة مع الماضي. و هناك لفظ التنمية التي ستعملها المختصون في مجالا