أحابيل الشطيان
بعد أسبوع من
المعاناة و التقلّبات المزاجية أنهيت رواية قواعد العشق الأربعون و بيدي سبعة
قصاصات تحوي نقاطا و أفكار استنبطتها من الكتاب و هي كثيرة جدا، ولكنني سأحاول قدر
المستطاع أن أدرجها بالترتيب الذي كتبته و أن أمحصّها و أحلّل الأهم منها حتى لا
يتحوّل مقالي إلى جريدة.
1- عنوان الرواية هو
قواعد العشق الأربعون رواية عن جلال الدين الروميّ و بداخلها رواية بعنوان "
الكفر الحلو" و هذا كان متعمّدا من الكاتبة التركية لأنّها تؤمن بالباطنية،
الباطنية التي تحدّثت عنها طوال الرواية في شخصياتها و أحداثها و قواعدها.
فالعنوان الأول يجذب القرّاء و أقطع يدي إن لم يكن جلّ من قرؤوا الرواية كان
دافعهم العنوان و معرفة كيف يوقعون من يحبونهم في العشق!!. و هذا ما أردته الكاتبة
تماما و قد نجحت فيه. أمّا نيّتها فهي أن توقعهم في متاهات التفكّر الشاذ و
التأمّل اللاّمنطقي للدين عبر العنوان الثاني للرواية الداخلية و هو " الكفر
الحلو".و أنا بدوري تأمّلت
ذكاءها الذي يشبه لحد كبير دهاء و مكر اليهود حين يخططون و يرسمون للإيقاع
بأعدائهم ) نحن و غيرنا( بتقديم شراب البرتقال
المنعش و بداخله حبّة مخدّرة.
2- أهم الشخصيات: جلال الدين الرومي و شمس التبريزي
في الرواية الداخلية" الكفر الحلو" و باختصار حتى لا أطيل الكلام و أعيد
نفس مراجعات القرّاء، و لكي أبسّط ما حدث لهاذين الشخصين هو أن جلال الدين الروميّ
كان عالما ربّانيا يلقي الخطب و الدروس كأيّ عالم داعية أو فضيلة شيخ معروف في زماننا
كالشيخ محمّد حسان أو الداعية عائض القرني أو غيرهم و نعرّفهم بأنّهم علماء أجلّاء
أفنوا حياتهم في تعلّم دينهم و التفقه في شريعتهم ناقشوا و أفتوا و هم يسيرون على
شرع الله و هدي المصطفى صلى الله عليه و سلم. و أما شمس التبريزي فهو – في الرواية-
فأول صفحة تقابلك عندما تفتحها تجد خاطرة مكتوبة من التبريزي يقول فيها بأنه شاهد
الله (تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً) ، وملائكته. و أنّه يرى رؤى الأنبياء،
إذن التبريزي- في الرواية- هو رجل خارق سوبرمان يعرف الله أكثر من أي شخص آخر و يسمع
أصوات الناس الداخلية و يقرأ الأفكار و يتحدث عن الله كلاما لا يليق مثل وصفه إياه
بأنه أكبر حكواتيّ- أستغفر الله- و بأنّه منهمك..الخ و أقوال عن الله جل جلاه و
تقدّست أسماؤه شبيهة –مرّة ثانية- بتلك الأوصاف و الأقوال عن الله في تلمود اليهود
الذي سبق لي و أن قرأته عندما كنت مراهقة. و يأتي هذا الدرويش المسمى شمس التبريزي
ليلتقي بجلال الدين الروميّ بعد أن رأى كل واحد منهما رؤيا بحتمية لقائهما، ليدمّر
حياته- حسب الرواية- فيجعله يذهب إلى الحانة باسم العشق- أي محبة الله- و يشتري
قنينتي نبيذ باسم العشق و يبعده عن عائلته باسم العشق و يختلي به في غرفة مدة
أربعين يوما و باسم العشق أيضا و حين يموت التبريزي يفقد الرومي عقله تقريبا و
يصبح شاعرا و يبكي شمس طوال حياته. أي بتبسيط منطقي تخبرنا الكاتبة أن جلال الدين
الرومي كان عالما يعلم الناس الحرام و الحلال يتحول- باسم العشق- إلى عاشق مخبول و
لكن السؤال الذي أطرحه عليها: عاشق لمن؟ لله أم لشمس؟ لأنه إن كان لله فإنه كان
يحب الله قبل أن يلتقي شمس و إن كان لشمس فقد حصل على العشق الذي تروج له الكاتبة،
أي الحب الشاذ! و كم شعرت بالصداع و أنا أقرا كلمة عشق في كل مرّة حيث
تكررت عشرات المرّات و تذكرت: مسلسل العشق الممنوع و تذكرت جارتي و هي تحكي عنه بتأثر
شديد، بل و تعاطفت مع البطلة حيث أنها قالت لي:" الله غالب راجلها تاني
كبير"، و بسرعة ربطت بين جارتي التي تأثرت بالمسلسل و بين القارئ الذي تأثر بالرواية
و مهما كانت الاختلافات بين
الشيئين إلا أنّ كلا منهما- أي جارتي و القارئ المتأثرين- قد وقعا في فخ التبرير و
لتحيا الباطنية!!
3-الأفكار: هناك تلميح و إظهار في الرواية فتارة
نجد مفاهيم خرافية و تارة أخرى نجد هرطقة واحدة و من بين الأمثلة مقارنة التبريزي
بين رسول الله صلى الله عليه و سلم و بين الدرويش الصوفي البسطامي الذي قال عن
نفسه أنا خالق نفسي. و أيضا مثال عن
المفهوم المغالط اتخاذ رفيق للدرب من أجل العشق و الرقص و ترك كل من خلفك و من
عليهم حق يصابون بالمرض و يستشيطون غضبا مثل ما حصل مع كيميا زوجة التبريزي الذي
لم يتزوجها و تزوجها!!..و
مثل ما حصل مع كيرا حين منعها الرومي من لمس كتبه في حين أنه سمح للتبريزي رميها
في البركة و لم تبتل!!..
و هناك أيضا دعوى للإباحية و إطلاق العنان للانفتاح-الروحي!!!- لأن ما يهمّ حقا هو قلبك
الذي يجب أن يحمل- عشقا!!!- لله. كما تحتوي الرواية على تناقضات كثيرة هزيلة تظهر
للعاقل الفطن و المؤمن الكيس و الراشد الثابت و لعلّ أبرزها هي ان التبريزي لم
يقدر على لمس زوجته لأنه عاشق لله و لكنّه لمسها و همس في أذنيها قبل الزواج و هو
يفسر لها سورة من القرآن!!. و الله لا أتمالك نفسي من الابتسام و هز رأسي. و في المفهوم التبريزي فإن المحرّمات ليست بالضرورة محرّمات مع أنها
محرّمة فشارب الخمر لا حرج أن يشرب الخمر إذا لم يجعله سكره فظا غليظا و جعله
رقيقا محبّا، و الخنثى صاحبة المبغى ليس عليه حرج إذا تخنث و أصبح امرأة إذا عرف
الله في قلبه و أحبّه.. و أمثلة كثيرة تدعو إلى الفسق علنا و الفجور جهارا بشرط أن
تفعل الخير للناس و تحبّهم.هذا هو التصوف الذي يأخد من جميع الأديان طقوسا ،
يهوديه، نصرانية، زرادشتيه، بوذية،...)، أما الإسلام فلم يأخذ منه إلا اسمه!
3- الأحداث: الرواية هي نيّة مبيّتة يكتشفها من فقه الفراسة و من
رشد عقله و تجدر إيمانه و حباه الله برؤية الأشياء على ظاهرها. فالكاتبة أرادت برغبتها أو بدون رغبة منها أن تنشر فكر
الإباحية و الليبرالية الوضيعة بغطاء حريري هو الصوفية لأن الرواية الأصلية و التي
هي قصة إيلا و عزيز تكاد تخلو من اية أحداث ممتعة أو حزينة أو مزلزلة، بحيث لا
يوجد سرد و لا حبكة و لا عقدة و لا شيء من هذا القبيل و هنا يظهر للعيان أن الهدف
كان الكفر حقا و أخرجت نفسها بذكاء من ورطة الاتهام هذا بقصة إيلا و عزيز .
فكانت ايلا
الأمريكية اليهودية غير المتدينة قد أتمت الـ40 عاماً في ظل حياة أسرية تقليدية
هادية، فهي ربة منزل وزوجة وأم لثلاثة أطفال، سخرت حياتها لجعل حياتها أجمل ثم
عندما ترغب في أن تعمل ، يتم تكليفها بتقييم رواية الكفر الحلو وكتابة تقرير عنها،
تلك الرواية كتبها شخص اسكتلندي اسمه (عزيز) وتتحدث روايته عن قصة العشق بين
التبريزي والرومي .تبدأ ايلا بمراسلة (عزيز) عبر الايميل! و هذا ال(عزيز) مسلم! ويعرف
كيف يمارس إسلامه ال(تبريزي) ببراعة!!!والذي تتطور بعدها علاقتهما إلى علاقة عشق لا تختلف عن العشق المذكور
سلفاً! وتحدث تطورات مملة وبطيئة، و غير عقلانية ، لتقرر ايلا الهروب مع عشيقها
عزيز الذي يخبرها قبل أن تهرب معه أنه سيموت لأنه مريض بالسرطان في لقائها الأول
معه في فندق و بعد بضعة رسائل الكترونية تاركة وراءها أسرة جميلة.
4- الأحاديث و القصص: بعد البحث عن كل حديث نبوي يتبن أنه غير موجود
أصلا أو أنه غريب لا صحة له و القصص التي استعانت بها الكاتبة جميعها دون استثناء
من الإسرائيليات و أكبر دليل على كلمة قايين بدلا من قابيل في قصتهما المذكورة في
الرواية. و القواعد التبريزية تستمد من حكمة بوذا مع التغيير في بعض الكلمات كي
تتناسب مع المفهوم الإسلامي. و أكثر منها
وضوحا الأماكن مثل تكية الدراويش المطابقة لدير الراهبات، و حلق التبريزي شعره من
كل منطقة في وجهه حين يود الانطلاق في
رحلته ليلتقي الروميّ ما هو إلا طقس من طقوس رهبان التبت، و إقرار التبريزي بتعظيم
مريم العذراء لكيرا التي اسلمت ما هو إلاّ شرك و كفر و لكنّه ليس حلوا على الإطلاق
يا إيلاف شافاق!!
هذه أهم النقاط و
ليست كلّها مما يفهم من رواية ذاعت صيتا في وسط المسلمين، و ياللعجب و ياللحسرة حين
يتعصب المسلمون و يهاجمون كل من كان رأيه خلافا لرأيه عن الرواية. إيلاف شافاق
أرادت أن يستشعر قراؤها خاصة المسلمون منهم الكفر الحلو و قد نجحت في ذلك حقا.
و طبعا سيكون هناك
دائما قسمان بدليل القرآن: مؤمنون و مسلمون.
و قد كتب أحدهم عن
الرواية:
هل بإمكانك الإجابة
على الأسئلة التالية من دون أن تقع في الفخ؟؟! جرّب نفسك!
س: هل الإسلام مفهوم أم لازال يتطلب من
المسلمين أن "يكشفوا بواطنه وأسراره"؟
س: هل يوجد فرق بين جميع الديانات؟ أم أنها
كلها متطابقة (ولا يهم بأيها تقابل ربك يوم البعث مادمت تعشقه؟
س: هل الحلال والحرام متساويان؟ وأنها مجرد
تسميات ، ويمكن أن تفعل حراماً وقلبك نظيف وما من مشكلة، بينما تفعل حلالاً وقلبك
غير سليم فلا تستفيد؟
الرواية تعطينا دينا جديدا بالمفهوم التبريزي و تنتج لنا
المعادلة التالية:
حب + نية صافية + أي شئ تريد أن تفعله في
الدنيا = الإسلام ..
و أنا أتجول في تلك
المراجعات من المسلمين الذي هبّوا لكتابة انبهارهم و حالة العشق و الصفاء التي استشعروها
و السعادة التي أحسوها وجدت مراجعة من أمريكية و قد كتبت:
This was my first Elif Safak and I can only hope that not all of her
novels are like this. I simply found this novel weak, even "forced."
It reads like any other Western/American novelist writing about the Eastern
culture. But wait... Elif Safak is Turkish, right? Precisely.. I think what the
author tries to do with this novel (and unfortunately fails) is to show a
treasure of Eastern spiritualism to the American reader. What happens as a
result is that it becomes another form of exoticism. There's something that
doesn't quite fit with the language. Shams and Rumi speak American, and Aziz is
definitely not Scottish. Has Safak's language become too American? She has
written this work originally in English, so is she writing for a primarily
American readership? Is she stuck between the liminality of the American and
the Turkish? Whatever the source of the problem is, I'm afraid I found the
story superficial, weak and cliched. It almost reads like fictionalised dummies
guide to Rumi. She tries to create an original narrative structure with
book-within-book, parallel narratives and multiple narrative voices, but it's
all to simplistic and lacks literary finesse.
I'm aware that this is a rather scathing review, but I'm highly disappointed
with the novel.