-
ابدئي من حيث بدأت نهايتك يا
حنين..استعيدي كل شيء وواجهي الحقيقة و إن آلمتك..
هكذا نصحتني طبيبتي النفسانية...لكن ابدأ من أين بالضبط؟ فأنا أستطعم مرارة
النهاية البدائية..
منتهية مدمرة نفسيا..أنى لي بالقوة؟ و من أين أستمد حول المواجهة؟.. مواجهة
نفسي... عدوّتي اللدودة المستبدة من أصعب ما سأفعل في حياتي.. أن أركنها في واجهة
الواقع و أصفعها بالوقائع و الأحداث شيء أثقل مما أتصوره..
لكن الأنا الأخرى..غير نفسي... كانت أقوى مني بكثير فأنا في حالة
ضعف تتلاطم بي أمواج الانكسار و تتهشم فوقي الخواطر المكدودة في حل و ترحال مع الزمان و المكان..
-
أصمتي أيتها العجوز الغريبة...
هذا شيطاني يريد أن يغلق فم عقلي... فم الضمير...يا
ويلي من حالتي الآن!...عجوز أم في طور الكهولة لا أعرف.. أنظر من نافذة
غرفتي الصغيرة الضيقة التي تريد أن تحطم أضلاعي بصغر حجمها في الطابق الثاني من مأوى
العجز...
يا ويلي فعلا و حقا..!!.عجوز في الأربعين من العمر أصبحت
و أمضيت أجر
في أيامي الباقية في هذا الموقع السحيق من المكان
و الزمان معا
لعلي أقطف بقية العصف المأكول ليوقظني من كابوسي
المفاجئ...
كيف أكون عجوزا في هذا السن؟.... أنا فقط في عقدي الرابع
...أنا في الأربعين...
أصرخ في عقلي فلا أجد جوابا.....
-
تذكري... توجعي... استمتعي بنتائج صنيع
تكبرك و طغيانك..
يعود ذهني للهجوم علي لكي أتذكر...أرفض التذكر...لا أريد
أن أتذكر...
و لكن أوجاعي الطاغية الآن لحالتي تلزمني بأن أتذكر
مجدي العائم في أطياف الذكريات... وها أنا الآن أرى الشريط يمر من أمامي ...و كأنه
يحدث الآن بالضبط.....
أتذكره بزمن الحاضر فالماضي بالنسبة لي حاضر إذا
تذكرته
و ذلك لأنني امرأة....بل
عجوز شابة مازال ينبعث منها أريج الظفر
و العلياء المزورة...
يوم وصلت إلى الدار .. كنت فيها جثة هامدة تصرخ ليلا
مفزعة من حولها..
و تبكي نهارا منفرة العباد من سكرها في الحزن و
استغراقها في الندم..
جئت مرغمة و بكل إرادة إلى هذه الدار يوم لم أجد إلى
أين آو ي بعد نفاذ جميع أموالي في كراء الغرفة في النزل الوضيع الذي كنت أستر فيه
نفسي ليلا من الوحش الداعر الخارجي..و لكنني ما كنت أنام من شدة الفوضى الفسقية
التي كان يسببها الوحيش الداعر الداخلي....
نفذت النقود بعد أشهر قليلة من تاريخ عودتي لأرض
موطني من رحلة طويلة من الإحساس بالحزن و الدمار الداخلي من مدينة "براغا" إلى "لشبونة" ثم على متن سفينة بحرية متجهة إلى العاصمة
الجزائرية.. وصل بعضي مني..
بقية الأيام الأخيرة بعد تنقلي من نزل إلى نزل و من
مكان إلى مكان لم أجد فيه عملا البتة...أنهيت نقودي الأخيرة في خمس ليال في نزل
حقير و ثلاثة ليال في الفناء الخارجي لجامع نزيه... و بعدها كان لابد من اللجوء
إلى هذه الدار..
..من روايتي أنا التي..
في حضرة الأوراق