التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الفصل الأول







-         ابدئي من حيث بدأت نهايتك يا حنين..استعيدي كل شيء وواجهي الحقيقة و إن آلمتك..

هكذا نصحتني طبيبتي النفسانية...لكن ابدأ من أين بالضبط؟ فأنا أستطعم مرارة النهاية البدائية..

منتهية مدمرة نفسيا..أنى لي بالقوة؟ و من أين أستمد حول المواجهة؟.. مواجهة نفسي... عدوّتي اللدودة المستبدة من أصعب ما سأفعل في حياتي.. أن أركنها في واجهة الواقع و أصفعها بالوقائع و الأحداث شيء أثقل مما أتصوره..

لكن الأنا الأخرى..غير نفسي... كانت أقوى مني بكثير فأنا في حالة
ضعف تتلاطم بي أمواج الانكسار و تتهشم فوقي الخواطر المكدودة في حل        و ترحال مع الزمان و المكان..
  
-         أصمتي أيتها العجوز الغريبة...

هذا شيطاني يريد أن يغلق فم عقلي... فم الضمير...يا ويلي من حالتي الآن!...عجوز أم في طور الكهولة لا أعرف.. أنظر من نافذة غرفتي الصغيرة الضيقة التي تريد أن تحطم أضلاعي بصغر حجمها في الطابق الثاني من مأوى العجز...

يا ويلي فعلا و حقا..!!.عجوز في الأربعين من العمر أصبحت
 و أمضيت أجر في أيامي الباقية في هذا الموقع السحيق من المكان
 و الزمان معا لعلي أقطف بقية العصف المأكول ليوقظني من كابوسي
 المفاجئ...

كيف أكون عجوزا في هذا السن؟.... أنا فقط في عقدي الرابع ...أنا في الأربعين...

أصرخ في عقلي فلا أجد جوابا.....

-         تذكري... توجعي... استمتعي بنتائج صنيع تكبرك و طغيانك..

يعود ذهني للهجوم علي لكي أتذكر...أرفض التذكر...لا أريد أن أتذكر...
و لكن أوجاعي الطاغية الآن لحالتي تلزمني بأن أتذكر مجدي العائم في أطياف الذكريات... وها أنا الآن أرى الشريط يمر من أمامي ...و كأنه يحدث الآن بالضبط.....

أتذكره بزمن الحاضر فالماضي بالنسبة لي حاضر إذا تذكرته
 و ذلك لأنني امرأة....بل عجوز شابة مازال ينبعث منها أريج الظفر
و العلياء المزورة...

يوم وصلت إلى الدار .. كنت فيها جثة هامدة تصرخ ليلا مفزعة من حولها..
و تبكي نهارا منفرة العباد من سكرها في الحزن و استغراقها في الندم..

جئت مرغمة و بكل إرادة إلى هذه الدار يوم لم أجد إلى أين آو ي بعد نفاذ جميع أموالي في كراء الغرفة في النزل الوضيع الذي كنت أستر فيه نفسي ليلا من الوحش الداعر الخارجي..و لكنني ما كنت أنام من شدة الفوضى الفسقية التي كان يسببها الوحيش الداعر الداخلي....

نفذت النقود بعد أشهر قليلة من تاريخ عودتي لأرض موطني من رحلة طويلة من الإحساس بالحزن و الدمار الداخلي من مدينة "براغا" إلى "لشبونة" ثم على متن سفينة بحرية متجهة إلى العاصمة الجزائرية.. وصل بعضي مني..

بقية الأيام الأخيرة بعد تنقلي من نزل إلى نزل و من مكان إلى مكان لم أجد فيه عملا البتة...أنهيت نقودي الأخيرة في خمس ليال في نزل حقير و ثلاثة ليال في الفناء الخارجي لجامع نزيه... و بعدها كان لابد من اللجوء إلى هذه الدار..


..من روايتي أنا التي..
في حضرة الأوراق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أحابيل الشيطان

أحابيل الشطيان بعد أسبوع من المعاناة و التقلّبات المزاجية أنهيت رواية قواعد العشق الأربعون و بيدي سبعة قصاصات تحوي نقاطا و أفكار استنبطتها من الكتاب و هي كثيرة جدا، ولكنني سأحاول قدر المستطاع أن أدرجها بالترتيب الذي كتبته و أن أمحصّها و أحلّل الأهم منها حتى لا يتحوّل مقالي إلى جريدة. 1-   عنوان الرواية هو قواعد العشق الأربعون رواية عن جلال الدين الروميّ و بداخلها رواية بعنوان " الكفر الحلو" و هذا كان متعمّدا من الكاتبة التركية لأنّها تؤمن بالباطنية، الباطنية التي تحدّثت عنها طوال الرواية في شخصياتها و أحداثها و قواعدها. فالعنوان الأول يجذب القرّاء و أقطع يدي إن لم يكن جلّ من قرؤوا الرواية كان دافعهم العنوان و معرفة كيف يوقعون من يحبونهم في العشق !! . و هذا ما أردته الكاتبة تماما و قد نجحت فيه. أمّا نيّتها فهي أن توقعهم في متاهات التفكّر الشاذ و التأمّل اللاّمنطقي للدين عبر العنوان الثاني للرواية الداخلية و هو " الكفر الحلو" .و أنا بدوري تأمّلت ذكاءها الذي يشبه لحد كبير دهاء و مكر اليهود حين يخططون و يرسمون للإيقاع بأعدائهم ) نحن و غيرنا ( بتقديم شراب الب

قراءة لمسرحية كل شيء في الحديقة لجايلز كوبر

في حياتي كلها لم أقرأ إلا مسرحيتين الأولى كانت بعنوان la sauvage   أي المتوحشة لكاتبها جون أنوويل و ذلك حين كنت أقضي أيام العطلة الصيفية في منزل جدتي حيث كنت أنكبّ على مطالعة كتب الجيب الصغيرة جلّها لكتاب فرنسيين كان خالي يكسبها لعشقه للأدب الفرنسي. و الثانية هذه المسرحية بعنوان everything in the garden  للكاتب البريطاني جايلز كوبر و ما دفعني لقراءتها هو حديث صديقتي البرازيلية أنيتا الواقعة في غرام الأدب الانجليزي و خاصة المسرحيات عنها. المسرحيات التي أفضل مشاهدتها و لا أهتم كثيرا بقراءتها ذلك لأنني أشعر أنني سأصاب بالملل حين أنكبّ على قراءة حوار لا ينتهي من حيث أنه لا يوجد سرد للأحداث و غير ذلك. المسرحية تجري أحداثها في ضاحية من ضواحي لندن أين يعيش بعض الموسرين الذين بدت عليهم البحبوحة و الأبهة رغم مناصب شغلهم المتواضعة. و بطلا المسرحية هما برنارد و زوجته جيني اللذان يحلمان بشراء بعض الحاجيات و لكنهما لا يملكان المال الكافي لذلك. فتقرر الزوجة جيني أن تضع إعلانا في الجريدة للحصول على عمل الشيء الذي يرفضه برنارد بشدة. و المفاجأة تحدث أو تبدأ حين تزور جيني يهودية تتاجر

قراءة في كتاب: النهضة من الصحوة إلى اليقضة للدكتور جاسم سلطان

معلومات عن الكتاب: الكاتب هو المفكر القطري جاسم سلطان  صاحب مشروع النهضة، و للمزيد من المعلومات عنه و ما يقدمه، أحيل عزيزي القارئ إلى هذا الرابط:  http://www.4nahda.com/user/9 عنوان الكتاب : النهضة من الصحوة إلى اليقضة  و هو الجزء الأول من سلسلة أدوات القادة في مشروع النهضة المجال : فكري تنموي نهضوي عدد الصفحات : 259 المقدمة : اشتملت على نقاط محددة لبدء عملة تناول الموضوع فكريا و وجدانيا، لذلك استعمل الكاتب مصطلحات معينة في مقدمته و هي كالآتي:  الفهم : أي فهم الموضوع من جميع جوانبه، و بالأساس فهم مسألة النهضة و طرح استشكالات عنها لتحديد ماهيتها و كيفية القيام بها. خارطة ذهنية :  تشبه قاعدة البيانات للإلمام بهذه القضية، الملاباسات و المعطيات و الطريق و الأرقام و الأمثال.... ثم عرج الكاتب سريعا على خطة بحثه و التحديات التي واجهها و هو بصدد تأسيس المشروع برمته مشروع النهضة. التمهيد: يبدأ فيه بتعريف النهضة على أنها حركة فكرية عامة منتشرة تتقدم باستمرار في فضاء القرن،  و تطرح الجديد دون قطيعة مع الماضي. و هناك لفظ التنمية التي ستعملها المختصون في مجالا