مدخل...
قرص الشمس الذهبي المشبع
بالحمرة يدنو من نهايته و يقترب من أن يأفل بعيدا عن نظر البشر و انتصاب قامات
الشجر..
يغلق زكريا باب المكتبة..يركب
سيارته متوترا لا يكاد يتوقع ماذا سيكتشف في الأوراق المستقلة عن بعضها البعض إلا
أنها مرقمة في حالة ما إذا سقطت و تبعثرت على الأرضية..يمسك بها بقبضة من حديد و
كأنه يمسك بين ثنايا إبطيه علبة مرصعة بالألماس في تركيبه العذري الأول البلوري
التكعيبي..
يشغل محرك السيارة من النوع
الياباني " تويوتا كورولا " سنة 2007...تبدو في أحسن حالاتها.. رجل مثله منظم و مرتب لن تشرد عنه آليات
الاعتناء بسيارته الفخمة..
بعد كيلومترات يصل إلى
منزله..فيلا صغيرة تبدو و كأنها منزل صغير.. يفتح الباب..يدخل.. يمشي طول هذا
البهو كله ليصل إلى غرفة المعيشة أين يقبع تلفاز بلازما ضخم فوق حاملته..طاولة
زجاجية سوداء تبدو من رفعتها هي و التلفاز أنهما أوراق معدنية صلبة واقفة بشموخ..
أرائك من الجلد الخالص.. رمادية اللون و ليست أريكة واحدة.. موضوعة في
صور متناسقة مع بعضها البعض و تضم إلى وسطها طاولة هي الأخرى رفيعة و واسعة
شاسعة..
فضول معرفة الأسرار كان أكثر
من أن يفتح له المجال لتغيير ملابسه أو يتذكر أنه و من فرط العمل لم يتناول غذاءه...يريد
أن يجرد الأوراق من مكنوناتها..الصفحات التي ناولته إياها من أرادها للزواج و لم
توافق على طلبه إلا إذا تأكد من رغبته تلك و لم يغير رأيه بعد أن يطالع أسرارها...
قبل أسبوع من هذا اليوم...طلبها
بالهاتف...التقيا في حديقة الدار.. في نفس المقعد الذي جلسا فيه أول مرة..حين كان
يومها لم يركب بعد سماعات الأذن..و لم يصحح سمعه من خلالها..
أعلن عن رغبته في الارتباط
بها و أخبرها كيف أنهما ناضجين كفاية لتجاوز الممهدات الخجولة..بالنسبة لكهل في
البنية شيخ في العمر.. زكريا كان مباشرا في حديثه..
و بالنسبة لها هي التي كانت
شابة في العمر عجوزا في البينية و مومياء
في التجربة و الخبرة الحياتية..حنين لم تكن لترضى بأن تريق رغبتها الجامحة في
الارتباط به دون أن يعرف خباياها..
أرادت حياة مفعمة بالأكسجين
الجديد لا تبقى وراءها ذرة غبرة من ماضيها...أرادته أن يقتنع بأنه من الضروري
معرفتها و معرفة أنها قد تغيرت للأبد...
يجلس على الأريكة يفتح قميصه
قليلا..كأستاذ فلسفة سبقه عقله في التفلسف قبل أن يقرأ حرفا واحدا...
يا إلهي ماذا تخفي هذه
الصفحات؟...يساوره الشك و لكنه يطمئن قلبه بأنه لا
و لن يغير رأيه مهما حدث و
مهما جرى.. في حياتها..
من روايتي بعنوان
أنا التي..
في ضيافة الأوراق