إنه لمن العجب العجاب و الغرابة التي تقتل الأفكار و توحل الرغبة في التطوير و التحسين في
الطين العفن لتدك بها إلى قعر الحرمان و اللامبالاة دكا مدقعا حين ينتابك الحسد و تغمرك الغيرة
.و تجعل من المقارنة شبه مستحيلة إن لم أقل أنها مستحيلة استحالة جلية حين تحاول أن تسنتنج
و تجد أن الاستنتاج عقيم لما يحدث من حولك.. هذه المقدمات من المفردات التي تدل على الاحتقان
و الغضب و الرغبة الجامحة في البكاء بل في العويل و الصراخ كلها من أجل وصف ظروف الدواوير..
الجزائر كاملة من أقصى الغرب إلى أقصى الشرق و من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب قرية كبيرة ما عدا بعض الولايات الكبيرة المعروفة لا تفوق أربع أو خمس ولايات إن حددنا نوعية التطور الركيك الذي تشهده..الزائر لبلديات و دوائر ولايات الجزائر يحدث نفسه كالمجنون و يتساءل: أليست الجزائر دولة غنية تملك من مخزن النفط و الغاز ما لا يعلمه إلا الله و يعلم بعضا منه أصحاب البطون الكبيرة و النظارات الرايبن الفاخرة؟
أليست الجزائر قارة في مساحتها عظيمة في تاريخها و عروس متربعة على عرش الموقع الاستراتجي من الشمال إلى الجنوب؟ أليست دولة تطل على البحر الأبيض المتوسط الغني؟ أليست قريبة من الدول الأوربية كقرب الابهام من السبابة؟ أليست تملك قوة سكانية عجيبة في نسبة شبابها الفتي القوي؟ أليس لدى شعبها حس للوطنية باهر مدهش أخرس المتكلمين و أعمى العائنين؟ كل هذه التساءلات تؤدي إلى الخبل و الإحباط لأن الأجوبة كلها بالإيجاب لا بالنفي. و من ثم إذا دخلت على جس نبض التحديث و التطوير العلمي و التكنولوجي مقارنة بالبلدان كلها بغير استثناء فقد يعقد التفكر في هذا لسانك و لا يخل سبيلا بينه و بين التعبير.
العالم يجري جريا بسرعة مهولة في التطور و الازدهار و الجزائر ليست حتى تحبي حبو الطفل الرضيع. الدواوير قطع أرضية منسية في الزمان و المكان تبكي لحالها فأكثرها لا يملك غازا و في الشتاء البارد الشديد البرودة تتجمد أطرافك و تبدأ بالازرقاق و لا يفيدك الالتصاق بالسخان الكهربائي لأنه سيحرقك دون أن تصل لشعور الدفء و سيحرق ميزانية الشهر أيضا و مشكلة الضوء حدث و لا حرج فمعظم الدوائر مستعيرة الضوء استعارة من المدن المجاوية.. و هذا يحدث ضغطا فلا تجد نفسك إلا و قد شاهدت بأم عينيك احتراق تلفاز أو ثلاجة أو المسخن أيضا.مشكلة الماء مشكلة صحية بالدرجة الأولى فلا يأتي إلا قليلا و حين يأتي ينزل يا إما أسودا أو أبيضا أو أصفرا.
هذه عن أساسيات و ضروريات الحياة أما عن دور الشباب و المدارس و الثناويات و الحدائق العامة و عيادات طبية متخصصة فلا تحلم و لا تنتظر.
أليس بربك هذا إهمال واضح؟ أم حتى كلمة إهمال صغيرة جدا لوصف حياة الدوائر في الجزائر؟
فكيف نلوم الذين يبحثون عن الحياة الكريمة و من لديهم القدرة على الهروب و الابتعاد كيف نلوهم على الرحيل و الاغتراب؟ و كيف نلوم أن من عاش في بيئة متطورة خارج الجزائر أو حتى يا أخي في مدينة كبيرة في الجزائر كيف نلومه على عدم التأقلم و أحيانا نتهمه بالتكبر و هو قد قام بسقوط حر من الأعالي إلى قعر اللاموصوف.
و قد يتهمني البعض أنني لست براضية و لا أحمل في قلبي القناعة و التي هي كنز لا يفنى فأجيب أن الرضى بالتدهور و الإهمال و النسيان و كأننا أنعام في زريبة هو ما يضاد العمل و السعي في الأرض من أجل الإعمار و الإزدهار و ينافي أخلاق الريادة و القيادة و الإستخلاف في الأرض التي أمر الله بها و أنزل من أجلها الدين. أليست عبادة الله و التوكل عليه في إعمار الأرض ما أمر به الرسول الكريم صل الله عليه و سلم؟ و كيف تريدون دعوة الآخرين من غير العرب إلى الله أيها القانعون من هذا النوع و أنتم متخلفون متأخرون تتعاركون مع أزمات الفقر و الحرمان و التيه و الضياع؟
كلماتي لا تعني التخلي عن العادات و التقاليد و ترك التمسك بالدين و التطاول على ولي الأمر و إنما هي حرقة دافعها الإعراض بالوجه عن فراغ التفكر و ملء عقولنا بالإنشغال في المساهمة في التطور و التقدم و عدم التخلي عن الحقوق و إرضاء النفس بالهوان و العيش في الطين العفن.
بقلم سهيلة سعدوني
أحابيل الشطيان بعد أسبوع من المعاناة و التقلّبات المزاجية أنهيت رواية قواعد العشق الأربعون و بيدي سبعة قصاصات تحوي نقاطا و أفكار استنبطتها من الكتاب و هي كثيرة جدا، ولكنني سأحاول قدر المستطاع أن أدرجها بالترتيب الذي كتبته و أن أمحصّها و أحلّل الأهم منها حتى لا يتحوّل مقالي إلى جريدة. 1- عنوان الرواية هو قواعد العشق الأربعون رواية عن جلال الدين الروميّ و بداخلها رواية بعنوان " الكفر الحلو" و هذا كان متعمّدا من الكاتبة التركية لأنّها تؤمن بالباطنية، الباطنية التي تحدّثت عنها طوال الرواية في شخصياتها و أحداثها و قواعدها. فالعنوان الأول يجذب القرّاء و أقطع يدي إن لم يكن جلّ من قرؤوا الرواية كان دافعهم العنوان و معرفة كيف يوقعون من يحبونهم في العشق !! . و هذا ما أردته الكاتبة تماما و قد نجحت فيه. أمّا نيّتها فهي أن توقعهم في متاهات التفكّر الشاذ و التأمّل اللاّمنطقي للدين عبر العنوان الثاني للرواية الداخلية و هو " الكفر الحلو" .و أنا بدوري تأمّلت ذكاءها الذي يشبه لحد كبير دهاء و مكر اليهود حين يخططون و يرسمون للإيقاع بأعدائهم ) نحن و غيرنا ( بتقديم شراب الب