التخطي إلى المحتوى الرئيسي

تأمّل صباحي..




استيقظت في دفء فراشي وقد فتح زوجي قناة رسالة الإسلام على صوت سعد الغامدي يتلو و يتغنى بصوته العذب سورة النساء التي أعشق وقعها عليّ كلمّا سمعتها...هذه السورة التي هذّبتني و جعلت أخلاقي تنضج حين كنت تلك الطفلة الغاضبة.. سرحت إلى ذاك الزمن و ابتسمت..
شعرت بشيء في قلبي حين سمعت: " للذكر مثل حظ الأنثيين"..الله..ياااالله ما أحكم عدلك سبحانك.. تذكرت أولئك المثيرون للشفقة الذين يتهمون المولى جل جلاله في عدله..و بغوغائية شديدة الانحراف يطالبون بتعديل الدساتير لكي تكون قسمة الميراث للذكر مثل حظ الأنثى أو للأنثى مثل حظ الذكرين!!!!
ثم استفقت مرّة أخرى على: " تلك حدود الله و من يطع الله و رسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها و ذلك الفوز العظيم.." شعرت بجوارحي قد غشيتها الرحمة و السكينة..و ابتسمت مرّة أخرى و ذرفت دموعا و قلت:" يااااالله ما أحلمك..تدخلنا الجنة برحمتك و قد جاهرنا و تحدينا عظمتك بالمعاصي ليلا             و نهارا..."..و اعتصر قلبي ألما و سألت لماذا لا نلتزم التزاما صريحا و نفخر به؟ لماذا ننافق أنفسنا و نخدعها قبل خداع الآخرين؟ لماذا نقسم الالتزام إلى أقسام مختلفة منها الالتزام العصري و الالتزام اوبن مايند...لماذا يا إلهي لا نجد إلا من يشجعنا على عيش هذه الدنيا بالطول و العرض غير مبالين؟؟؟..
استفقت مرة أخرى على: " حرمت عليكم أمهاتكم.."..هنا أحسست بالغضب              و الاحتقان..و تشنّجت مفاصلي..تذكرت قريبة لزوجي رأتني أرتدي حجابي في حضرتهم و قد كان معنا إخوة زوجي..تذكرت سؤالها أمامهم جميعا مستهزئة :" علاش راكي غامة روحك هكا...؟؟؟..لم أرد عليها إلا بعد حين حين أفهمتها أنه لا يجوز..لم تتركني أكمل حديثي و قالت لي بأن عدم الجواز يقع على الرجال الأجانب خارج المنزل أما أولئك فهم إخواننا؟؟!!!!!...
" إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم و ندخلكم مدخلا كريما" هذه الآية هوت بي في قيعان التأمل و التفكير..و رثيت حالنا لأننا لم نصل حتى إلى مرحلة التفريق بين الكبيرة و الصغيرة حيث يبدو لنا كل شيء لمم....حين أصبحت الزنا جهارا حبا قويا.. و حين يصبح السكر جهارا حالة روحية..و حين يختلط الرجال بالنساء اختلاط الالتئام نسميه صداقة متينة...لو أننا اقترفنا ذنبا كترك التسبيح في الصلاة نهاجم بالكبيرة و بالبدعة..لو أننا قرأنا سيرة أو قصة أحد الكتاب الماركسيين نتهم بالعلمانية و بالانحياز للكفار..كيف نقول أننا اجتنبنا الكبائر يا رب فكفر عنا سيئاتنا؟؟؟..
" إنّ الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا.." تذكرنا هذه الآية بالرقى الشرعية التي لا يوجد أحد في اعتقادي إلاّ و قد جربها أملا في شفاء من مرض أو طرد جنّ أو إبطال سحر أو إنهاء أثر عين أو حسد.. لكن لما لا نتوقف لحظة و نسأل أنفسنا: إذا كنّا جميعا مصابون بتعويذة ما و الجميع يشكو إصابته السحر أو غيره..فمن الذي يقوم بعملية إلقاء السحر و التعويذات؟؟؟..أكاد أجزم أننا نضر أنفسنا بأنفسنا و نمرّض أنفسنا طواعية دون أن نشعر..بغض النظر عن تلك الحالات الحقيقية عافانا الله جميعا..

على صوت تدفقّ المياه من الحنفية التي تركتها بالأمس عمدا..رجعت إلى الواقع المرّ..ألقيت من على نفسي الغطاء الدافئ و نهضت لأستعد لمسؤوليات اليوم الروتينية..


سهيلة سعدوني



المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أحابيل الشيطان

أحابيل الشطيان بعد أسبوع من المعاناة و التقلّبات المزاجية أنهيت رواية قواعد العشق الأربعون و بيدي سبعة قصاصات تحوي نقاطا و أفكار استنبطتها من الكتاب و هي كثيرة جدا، ولكنني سأحاول قدر المستطاع أن أدرجها بالترتيب الذي كتبته و أن أمحصّها و أحلّل الأهم منها حتى لا يتحوّل مقالي إلى جريدة. 1-   عنوان الرواية هو قواعد العشق الأربعون رواية عن جلال الدين الروميّ و بداخلها رواية بعنوان " الكفر الحلو" و هذا كان متعمّدا من الكاتبة التركية لأنّها تؤمن بالباطنية، الباطنية التي تحدّثت عنها طوال الرواية في شخصياتها و أحداثها و قواعدها. فالعنوان الأول يجذب القرّاء و أقطع يدي إن لم يكن جلّ من قرؤوا الرواية كان دافعهم العنوان و معرفة كيف يوقعون من يحبونهم في العشق !! . و هذا ما أردته الكاتبة تماما و قد نجحت فيه. أمّا نيّتها فهي أن توقعهم في متاهات التفكّر الشاذ و التأمّل اللاّمنطقي للدين عبر العنوان الثاني للرواية الداخلية و هو " الكفر الحلو" .و أنا بدوري تأمّلت ذكاءها الذي يشبه لحد كبير دهاء و مكر اليهود حين يخططون و يرسمون للإيقاع بأعدائهم ) نحن و غيرنا ( بتقديم شراب الب

قراءة لمسرحية كل شيء في الحديقة لجايلز كوبر

في حياتي كلها لم أقرأ إلا مسرحيتين الأولى كانت بعنوان la sauvage   أي المتوحشة لكاتبها جون أنوويل و ذلك حين كنت أقضي أيام العطلة الصيفية في منزل جدتي حيث كنت أنكبّ على مطالعة كتب الجيب الصغيرة جلّها لكتاب فرنسيين كان خالي يكسبها لعشقه للأدب الفرنسي. و الثانية هذه المسرحية بعنوان everything in the garden  للكاتب البريطاني جايلز كوبر و ما دفعني لقراءتها هو حديث صديقتي البرازيلية أنيتا الواقعة في غرام الأدب الانجليزي و خاصة المسرحيات عنها. المسرحيات التي أفضل مشاهدتها و لا أهتم كثيرا بقراءتها ذلك لأنني أشعر أنني سأصاب بالملل حين أنكبّ على قراءة حوار لا ينتهي من حيث أنه لا يوجد سرد للأحداث و غير ذلك. المسرحية تجري أحداثها في ضاحية من ضواحي لندن أين يعيش بعض الموسرين الذين بدت عليهم البحبوحة و الأبهة رغم مناصب شغلهم المتواضعة. و بطلا المسرحية هما برنارد و زوجته جيني اللذان يحلمان بشراء بعض الحاجيات و لكنهما لا يملكان المال الكافي لذلك. فتقرر الزوجة جيني أن تضع إعلانا في الجريدة للحصول على عمل الشيء الذي يرفضه برنارد بشدة. و المفاجأة تحدث أو تبدأ حين تزور جيني يهودية تتاجر

قراءة في كتاب: النهضة من الصحوة إلى اليقضة للدكتور جاسم سلطان

معلومات عن الكتاب: الكاتب هو المفكر القطري جاسم سلطان  صاحب مشروع النهضة، و للمزيد من المعلومات عنه و ما يقدمه، أحيل عزيزي القارئ إلى هذا الرابط:  http://www.4nahda.com/user/9 عنوان الكتاب : النهضة من الصحوة إلى اليقضة  و هو الجزء الأول من سلسلة أدوات القادة في مشروع النهضة المجال : فكري تنموي نهضوي عدد الصفحات : 259 المقدمة : اشتملت على نقاط محددة لبدء عملة تناول الموضوع فكريا و وجدانيا، لذلك استعمل الكاتب مصطلحات معينة في مقدمته و هي كالآتي:  الفهم : أي فهم الموضوع من جميع جوانبه، و بالأساس فهم مسألة النهضة و طرح استشكالات عنها لتحديد ماهيتها و كيفية القيام بها. خارطة ذهنية :  تشبه قاعدة البيانات للإلمام بهذه القضية، الملاباسات و المعطيات و الطريق و الأرقام و الأمثال.... ثم عرج الكاتب سريعا على خطة بحثه و التحديات التي واجهها و هو بصدد تأسيس المشروع برمته مشروع النهضة. التمهيد: يبدأ فيه بتعريف النهضة على أنها حركة فكرية عامة منتشرة تتقدم باستمرار في فضاء القرن،  و تطرح الجديد دون قطيعة مع الماضي. و هناك لفظ التنمية التي ستعملها المختصون في مجالا