التخطي إلى المحتوى الرئيسي

أيبنة العقل البشري

تحدثت مع صديقة لي صينية عن موضوع الحفاظ على التقاليد، فروت لي قصة معاناتها مع المعارضة العنيفة التي واجهتها عندما !  غيرت لون شعرها إلى اللون الأزرق!! قالت إن المجتمع الصيني مجتمع محافظ جدا، لدرجة أن الناس يستقبحون أفعال قد تبدو في مجتمع آخر غير ذات أهمية، و عقدت صديقتي مقارنة بين مجتمعها و المجتمع الياباني، على أن هذا الأخير يواكب العصرنة و التطور و لا يبالي أبدا بما هو غير مألوف، حتى أنها رأت بأم عينها- و هي تزور اليابان- شعر وردي كلون الوردة الزهرية!! إلى هنا تبدو القصة عادية، و لكنها تتخذ منحنى هابط عندما فسرت لي كيف أن اليابانيين قد استمدوا قوة شخصيتهم من خلال تأثرهم 
بالأنمي!!!!!! حقا؟؟؟؟ تعجبت بذهول
كوكب اليابان الشقيق-كما يطلق عليه الجزائريون- الذي وصل إلى أعلى درجات التطور المادي و التكنولوجي و الحضاري و العلمي، يستمد قوة شخصيته كما ترى جارته الصينية من مشاهدة الرسوم المتحركة، و إذا ما سمحت لنفسي بالتفلسف قليلا فهذا يعني أنّ مرجعيته لقبول الحسن و رفض القبيح هي: رسوم الانمي. التي تظهر شخصيات تكاد تكون حقيقية بالنسبة لهم، تتمتع بهالة رهيبة توقد في نفوسهم الاعجاب و الذهول. 
 طبعا هالني ما سمعت و رحت أسأل الشيخ جوجل عن الانمي فأجابني: بأنّ الانمي و تعني انيميشن بالانجليزية هي في حقيقتها مجرد رسوم متحركة بتقنية عالية كتقنية ثلاثية الأبعاد و حتى رباعية، ظهرت في الستينات مع الرسام الياباني أوسامو تيزوكا،وتحظى 
 رسوم الانمي بشعبية تظاهي شعبية افلام هوليوود الأمركية إذ حقق فيلم واحد من  رسوم الانمي أعلى الإيرادات فاقت تلك التي حققها فيلم تايتنك في أمريكا.
يشار أيضا إلى أن رائد صناعة الانمي الذي هو أوسامو تيزوكا يطلق عليه في اليابان: رب الانمي.
خاصية هذه الرسوم أنها تلقي الضوء على الثقافة اليابانية بشكل خاص بطريقة مباشرة أو بإيحاءات، سواء كانت ثقافة إيجابية أو ثقافة سلبية بالنسبة للآخرين،  لكن الأمر لم يتوقف عند اليابانيين أو جيرانهم الكوريين بشكل خاص، بل تعداه إلى بلدان أخرى و منها البلدان العربية، حتى بدأنا نسمع مؤخرا عن عقد اجتماعات و حفالات للانمي يجتمع فيها الذكور و الإناث المهووسين بهذا النوع من الرسوم، يصبغون شعورهم بألوان عجيبة بطريقة غرائبية، و يرتدون بزات تشبه تلك التي كان رجل الكهف يرتديها، فكان لابدّ من طرح أسئلة في هذا الموضوع: ما سر الانمي؟ و لماذا يؤثر بهذا الشكل الكبير في شعب عبقري كاليابانيين؟ ثم كيف استطاع هذا الفنّ الغامض في التأثير على المراهقين العرب وحتى الذين تجاوزوا مرحلة الارهاق النفسي كما أسميها؟؟ 
لقد بدأت فعلا أصوات تبحث في هذا الموضوع من قريب أو من بعيد، بنية الوصول إلى حقيقته أو بنية المصلحة، و كتبت دراسات رغم قلتها عن الانمي و سر تأثيره الكبير جدا على أدمغة الكبار و الصغار على حد سواء، و من بين الاكتشافات: مسألة هوس الانمي  أو ما يطلق عليه الأوتاكو، و هم المهووسون بالانمي لدرجة أنه يستطيع قتلك و مص دمك إن أنت أسأت إلى شخصية من شخصياته المحببة، ليس هذا فحسب بل انه يعتقد اعتقادا جازما بأن اليابان هي جنة الفردوس الأعلى في الدنيا و الآخرة، أي أننا نتكلم بالضبط عن أيبنة العقل البشري كما اصطلحت عليها، فهل نجح اليابان في ذلك؟

.......يتبع ،  

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أحابيل الشيطان

أحابيل الشطيان بعد أسبوع من المعاناة و التقلّبات المزاجية أنهيت رواية قواعد العشق الأربعون و بيدي سبعة قصاصات تحوي نقاطا و أفكار استنبطتها من الكتاب و هي كثيرة جدا، ولكنني سأحاول قدر المستطاع أن أدرجها بالترتيب الذي كتبته و أن أمحصّها و أحلّل الأهم منها حتى لا يتحوّل مقالي إلى جريدة. 1-   عنوان الرواية هو قواعد العشق الأربعون رواية عن جلال الدين الروميّ و بداخلها رواية بعنوان " الكفر الحلو" و هذا كان متعمّدا من الكاتبة التركية لأنّها تؤمن بالباطنية، الباطنية التي تحدّثت عنها طوال الرواية في شخصياتها و أحداثها و قواعدها. فالعنوان الأول يجذب القرّاء و أقطع يدي إن لم يكن جلّ من قرؤوا الرواية كان دافعهم العنوان و معرفة كيف يوقعون من يحبونهم في العشق !! . و هذا ما أردته الكاتبة تماما و قد نجحت فيه. أمّا نيّتها فهي أن توقعهم في متاهات التفكّر الشاذ و التأمّل اللاّمنطقي للدين عبر العنوان الثاني للرواية الداخلية و هو " الكفر الحلو" .و أنا بدوري تأمّلت ذكاءها الذي يشبه لحد كبير دهاء و مكر اليهود حين يخططون و يرسمون للإيقاع بأعدائهم ) نحن و غيرنا ( بتقديم شراب الب

قراءة لمسرحية كل شيء في الحديقة لجايلز كوبر

في حياتي كلها لم أقرأ إلا مسرحيتين الأولى كانت بعنوان la sauvage   أي المتوحشة لكاتبها جون أنوويل و ذلك حين كنت أقضي أيام العطلة الصيفية في منزل جدتي حيث كنت أنكبّ على مطالعة كتب الجيب الصغيرة جلّها لكتاب فرنسيين كان خالي يكسبها لعشقه للأدب الفرنسي. و الثانية هذه المسرحية بعنوان everything in the garden  للكاتب البريطاني جايلز كوبر و ما دفعني لقراءتها هو حديث صديقتي البرازيلية أنيتا الواقعة في غرام الأدب الانجليزي و خاصة المسرحيات عنها. المسرحيات التي أفضل مشاهدتها و لا أهتم كثيرا بقراءتها ذلك لأنني أشعر أنني سأصاب بالملل حين أنكبّ على قراءة حوار لا ينتهي من حيث أنه لا يوجد سرد للأحداث و غير ذلك. المسرحية تجري أحداثها في ضاحية من ضواحي لندن أين يعيش بعض الموسرين الذين بدت عليهم البحبوحة و الأبهة رغم مناصب شغلهم المتواضعة. و بطلا المسرحية هما برنارد و زوجته جيني اللذان يحلمان بشراء بعض الحاجيات و لكنهما لا يملكان المال الكافي لذلك. فتقرر الزوجة جيني أن تضع إعلانا في الجريدة للحصول على عمل الشيء الذي يرفضه برنارد بشدة. و المفاجأة تحدث أو تبدأ حين تزور جيني يهودية تتاجر

قراءة في كتاب: النهضة من الصحوة إلى اليقضة للدكتور جاسم سلطان

معلومات عن الكتاب: الكاتب هو المفكر القطري جاسم سلطان  صاحب مشروع النهضة، و للمزيد من المعلومات عنه و ما يقدمه، أحيل عزيزي القارئ إلى هذا الرابط:  http://www.4nahda.com/user/9 عنوان الكتاب : النهضة من الصحوة إلى اليقضة  و هو الجزء الأول من سلسلة أدوات القادة في مشروع النهضة المجال : فكري تنموي نهضوي عدد الصفحات : 259 المقدمة : اشتملت على نقاط محددة لبدء عملة تناول الموضوع فكريا و وجدانيا، لذلك استعمل الكاتب مصطلحات معينة في مقدمته و هي كالآتي:  الفهم : أي فهم الموضوع من جميع جوانبه، و بالأساس فهم مسألة النهضة و طرح استشكالات عنها لتحديد ماهيتها و كيفية القيام بها. خارطة ذهنية :  تشبه قاعدة البيانات للإلمام بهذه القضية، الملاباسات و المعطيات و الطريق و الأرقام و الأمثال.... ثم عرج الكاتب سريعا على خطة بحثه و التحديات التي واجهها و هو بصدد تأسيس المشروع برمته مشروع النهضة. التمهيد: يبدأ فيه بتعريف النهضة على أنها حركة فكرية عامة منتشرة تتقدم باستمرار في فضاء القرن،  و تطرح الجديد دون قطيعة مع الماضي. و هناك لفظ التنمية التي ستعملها المختصون في مجالا