حين يموت شخص في بلدي و في أول ايام جنازته تكتب له الحياة الحقيقية..فحينئذ بالذات تبدأ سيرته على كل لسان و يفتح النقاش وسط القاعة المكتظة بين وشوشة و بين عويل من هنا و هناك..أول يوم في جنازة الميت هي حفل إما للتكريم و إما للتهديم..فمن لديه غصة في قلبه يخرجها و يزيد عليها ملحا أجاجا فالمتكلم عنه لن يقابله و لن يكذبه و تنطلق زفرات الغيبة و هو ممد أمامهم أو بعد دفنه..حين يكوت يحيا في أعين من أماتوه حين كان حيا..فيبدؤون في الحديث عن سيرته الجميلة و يتدخل كل من لم يعرفه من قبل أو من عرفوه و أنكروه يتدخلون و يتطفلون بوقاحة منافق و يعرضون المساعدات على عائلته و على أولاده و يظهرون كرمهم المزيف و عطاياهم الفارغة أمام الحضور.. فقط حين يموت الشخص يرفعونه إلى سبع سموات أو يهوون به في قعر الأراضي السبع فمنهم من يشهد له بالجنة تأكيدا لا يمسه ريب.. و منهم من يرى أنه في الدرك الأسفل من النار..خصوصا أصحاب عبارة -- اتقي الله- فيبدؤون في التحليل و التمحيص لجميع تصرفاته مهما كانت صغيرة أو كبيرة.. عندما يموت الانسان يصدق عليه أصحاب الأكياس و يضاهون أمثالهم في المأكولات و المشروبات و تقديم المساعد
ليس بالسهل أن تراق الكلمات بعنف...