التخطي إلى المحتوى الرئيسي

افتح عقلك

من منا لا يتمنى أن يتحلى بشمائل حميدة تجعل قلوب الناس تحجّ إلى قلبه و تأنس به؟. سؤال قد يبدو في طرحه بسيط و لكن مدلولاته و الإجابة عنه قد تكون أصعب مما نتصوّر، حيث أنّنا لا نكاد نهتّم بالجانب الإنساني لدينا تجاه الآخرين في زمن أصبحت فيه النفوس ضائقة متحجّرة، تئنّ مرارة الأنا و حرقة الضغينة بوعي منها أو بدون وعي. هذه حقيقة لا نستطيع إنكارها البتّة.
تعلّمنا على مدى سنوات في زمن التعاملات مع البشر أن نكون وديين محبين بشكل ميكانيكي لا حياة فيه و لا يخرج هذا الشعور عن الإطار الصوري للمجاملات و كثير من الأحيان مداهنات تشي بعدم قدرتنا على التفاعل الحقيقي و التعامل بصدق لا تشوبه شائبة، و كأنّنا نخشى من إظهار العطف و التفهّم حتى لا ننجرف وراء هذه المشاعر فيظهر ضعفنا و يأسنا من أحوالنا. أو نرفض الاستسلام للمحبّة الصادقة مخافة الانهزام أمام سطوتها حتى نواصل التظاهر بأننا أقوياء لوحدنا. و الرفض قد يكون سببه التعصّب و الرفض المطلق الذي لا يوافق إيديولوجياتنا و أفكارنا التي نشأنا عليها. و مهما كانت الأسباب في عدم مقدرتنا على تفهّم الآخر بكل صدر رحب و تقبّله كيفما كان فهي قد نجحت إلى حد كبير في تعنّت عقولنا و تحجّرها فلا تتوسع لتدع أكسجين الاستماع للآخر يسكنها و لا هي تتفكّر في ناموس الحياة و أنها لا تستمرّ إلا إذا توقفنا عن اللغط و الغوغائية في النقاش و التحليل.
لكي نكسب قلوب الناس حقا و نتعايش بسلام مع مختلف الشخصيات الإنسانية لابدّ أولا من إتقان فن الإصغاء حتى لو كان الذي يتحدث يدور في دائرة لا تنتهي. مجرد الإنصات يتيح للآخر فرصة تفريغ الطاقة فضلا على مساعدته في رؤية المشكلة أو القضية التي يتحدث عنها بشكل مغاير عما إذا بقيت داخل خلده.أن نستمع لأفكار الآخرين و ننصت لأحاديثهم عن مشاكلهم و معاناتهم فهذا يعدّ بالدرجة الأولى عملية تربوية و سلوكا حضاريا بامتياز، و انطلاقا من مفهوم أن لا أحد يملك الحقيقة الكاملة و بالتالي ليس هناك من هو على صواب مطلق أو على خطأ مطلق فهذا يلزمنا الانصياع لغريزة الإنسان الاجتماعية في فهم بعضنا البعض و إعطاء شرعية للاختلافات في الرأي بكل مودة و نضج دون المساس بمشاعر الآخرين أو التعدي على كينونتهم التي خلقهم الله عليها.التواصل شيء مهم في الحياة و عن طريقه ينضج العقل و نستطيع قولبته لنفك عنه حصار الرفض اللامنطقي و نشعر بديمومة تألقه.و لعلنا نطرح السؤال عن كيفية أن نكون محايدين في أفكار الغير التي لا تتناسب و أفكارنا؟ و الجواب على هذا السؤال بسيط للغاية و هو أن نفكر فقط أننا نملك أفكارا لا تناسب أفكر الآخرين فالعملية متبادلة و المعادلة منطقية فنحس بالراحة و نحن نتقبل رأي غيرنا برحابة و تحليق في سماء الرقي.القدرة على العطاء بالمشاعر و التعاطف مع الغير دليل القوة في الذات و أن الشخصية التي تتسم بهذه الشمائل ما هي إلا شخصية قوية واثقة من نفسها فهي تعرف حق المعرفة أن منيكلمها لا يهددها لأن ما لديها لا يهتز فيشعر الآخر بالرضا و الراحة مما يفضي إلى تحسن صحته النفسية و الفكرية.و أخيرا و في رأيي الشخصي المتواضع الشباب خاصة الذي يقرؤون هم أمل هذه الأمة في نشر هذه الصفات العقلانية و التحلي بمروءة التفهّم و عدم الانصياع للطبالين الذين يريدون بناء سد منيع بين الفرد و الفرد في مجتمع واحد.
                                                                                                                                                                                          بقلم الكاتبة /سهيلة سعدوني

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أحابيل الشيطان

أحابيل الشطيان بعد أسبوع من المعاناة و التقلّبات المزاجية أنهيت رواية قواعد العشق الأربعون و بيدي سبعة قصاصات تحوي نقاطا و أفكار استنبطتها من الكتاب و هي كثيرة جدا، ولكنني سأحاول قدر المستطاع أن أدرجها بالترتيب الذي كتبته و أن أمحصّها و أحلّل الأهم منها حتى لا يتحوّل مقالي إلى جريدة. 1-   عنوان الرواية هو قواعد العشق الأربعون رواية عن جلال الدين الروميّ و بداخلها رواية بعنوان " الكفر الحلو" و هذا كان متعمّدا من الكاتبة التركية لأنّها تؤمن بالباطنية، الباطنية التي تحدّثت عنها طوال الرواية في شخصياتها و أحداثها و قواعدها. فالعنوان الأول يجذب القرّاء و أقطع يدي إن لم يكن جلّ من قرؤوا الرواية كان دافعهم العنوان و معرفة كيف يوقعون من يحبونهم في العشق !! . و هذا ما أردته الكاتبة تماما و قد نجحت فيه. أمّا نيّتها فهي أن توقعهم في متاهات التفكّر الشاذ و التأمّل اللاّمنطقي للدين عبر العنوان الثاني للرواية الداخلية و هو " الكفر الحلو" .و أنا بدوري تأمّلت ذكاءها الذي يشبه لحد كبير دهاء و مكر اليهود حين يخططون و يرسمون للإيقاع بأعدائهم ) نحن و غيرنا ( بتقديم شراب الب

قراءة لمسرحية كل شيء في الحديقة لجايلز كوبر

في حياتي كلها لم أقرأ إلا مسرحيتين الأولى كانت بعنوان la sauvage   أي المتوحشة لكاتبها جون أنوويل و ذلك حين كنت أقضي أيام العطلة الصيفية في منزل جدتي حيث كنت أنكبّ على مطالعة كتب الجيب الصغيرة جلّها لكتاب فرنسيين كان خالي يكسبها لعشقه للأدب الفرنسي. و الثانية هذه المسرحية بعنوان everything in the garden  للكاتب البريطاني جايلز كوبر و ما دفعني لقراءتها هو حديث صديقتي البرازيلية أنيتا الواقعة في غرام الأدب الانجليزي و خاصة المسرحيات عنها. المسرحيات التي أفضل مشاهدتها و لا أهتم كثيرا بقراءتها ذلك لأنني أشعر أنني سأصاب بالملل حين أنكبّ على قراءة حوار لا ينتهي من حيث أنه لا يوجد سرد للأحداث و غير ذلك. المسرحية تجري أحداثها في ضاحية من ضواحي لندن أين يعيش بعض الموسرين الذين بدت عليهم البحبوحة و الأبهة رغم مناصب شغلهم المتواضعة. و بطلا المسرحية هما برنارد و زوجته جيني اللذان يحلمان بشراء بعض الحاجيات و لكنهما لا يملكان المال الكافي لذلك. فتقرر الزوجة جيني أن تضع إعلانا في الجريدة للحصول على عمل الشيء الذي يرفضه برنارد بشدة. و المفاجأة تحدث أو تبدأ حين تزور جيني يهودية تتاجر

قراءة في كتاب: النهضة من الصحوة إلى اليقضة للدكتور جاسم سلطان

معلومات عن الكتاب: الكاتب هو المفكر القطري جاسم سلطان  صاحب مشروع النهضة، و للمزيد من المعلومات عنه و ما يقدمه، أحيل عزيزي القارئ إلى هذا الرابط:  http://www.4nahda.com/user/9 عنوان الكتاب : النهضة من الصحوة إلى اليقضة  و هو الجزء الأول من سلسلة أدوات القادة في مشروع النهضة المجال : فكري تنموي نهضوي عدد الصفحات : 259 المقدمة : اشتملت على نقاط محددة لبدء عملة تناول الموضوع فكريا و وجدانيا، لذلك استعمل الكاتب مصطلحات معينة في مقدمته و هي كالآتي:  الفهم : أي فهم الموضوع من جميع جوانبه، و بالأساس فهم مسألة النهضة و طرح استشكالات عنها لتحديد ماهيتها و كيفية القيام بها. خارطة ذهنية :  تشبه قاعدة البيانات للإلمام بهذه القضية، الملاباسات و المعطيات و الطريق و الأرقام و الأمثال.... ثم عرج الكاتب سريعا على خطة بحثه و التحديات التي واجهها و هو بصدد تأسيس المشروع برمته مشروع النهضة. التمهيد: يبدأ فيه بتعريف النهضة على أنها حركة فكرية عامة منتشرة تتقدم باستمرار في فضاء القرن،  و تطرح الجديد دون قطيعة مع الماضي. و هناك لفظ التنمية التي ستعملها المختصون في مجالا