حين يموت شخص في بلدي و في أول ايام جنازته تكتب له الحياة الحقيقية..فحينئذ بالذات تبدأ سيرته على
كل لسان و يفتح النقاش وسط القاعة المكتظة بين وشوشة و بين عويل من هنا و هناك..أول يوم في جنازة الميت هي حفل إما للتكريم و إما للتهديم..فمن لديه غصة في قلبه يخرجها و يزيد عليها ملحا أجاجا فالمتكلم عنه لن يقابله و لن يكذبه و تنطلق زفرات الغيبة و هو ممد أمامهم أو بعد دفنه..حين يكوت يحيا في أعين من أماتوه حين كان حيا..فيبدؤون في الحديث عن سيرته الجميلة و يتدخل كل من لم يعرفه من قبل أو من عرفوه و أنكروه يتدخلون و يتطفلون بوقاحة منافق و يعرضون المساعدات على عائلته و على أولاده و يظهرون كرمهم المزيف و عطاياهم الفارغة أمام الحضور..
فقط حين يموت الشخص يرفعونه إلى سبع سموات أو يهوون به في قعر الأراضي السبع فمنهم من يشهد له بالجنة تأكيدا لا يمسه ريب.. و منهم من يرى أنه في الدرك الأسفل من النار..خصوصا أصحاب عبارة -- اتقي الله- فيبدؤون في التحليل و التمحيص لجميع تصرفاته مهما كانت صغيرة أو كبيرة..
عندما يموت الانسان يصدق عليه أصحاب الأكياس و يضاهون أمثالهم في المأكولات و المشروبات و تقديم المساعدات...
هذه حياة الميت بعد حياته كميت...
أحابيل الشطيان بعد أسبوع من المعاناة و التقلّبات المزاجية أنهيت رواية قواعد العشق الأربعون و بيدي سبعة قصاصات تحوي نقاطا و أفكار استنبطتها من الكتاب و هي كثيرة جدا، ولكنني سأحاول قدر المستطاع أن أدرجها بالترتيب الذي كتبته و أن أمحصّها و أحلّل الأهم منها حتى لا يتحوّل مقالي إلى جريدة. 1- عنوان الرواية هو قواعد العشق الأربعون رواية عن جلال الدين الروميّ و بداخلها رواية بعنوان " الكفر الحلو" و هذا كان متعمّدا من الكاتبة التركية لأنّها تؤمن بالباطنية، الباطنية التي تحدّثت عنها طوال الرواية في شخصياتها و أحداثها و قواعدها. فالعنوان الأول يجذب القرّاء و أقطع يدي إن لم يكن جلّ من قرؤوا الرواية كان دافعهم العنوان و معرفة كيف يوقعون من يحبونهم في العشق !! . و هذا ما أردته الكاتبة تماما و قد نجحت فيه. أمّا نيّتها فهي أن توقعهم في متاهات التفكّر الشاذ و التأمّل اللاّمنطقي للدين عبر العنوان الثاني للرواية الداخلية و هو " الكفر الحلو" .و أنا بدوري تأمّلت ذكاءها الذي يشبه لحد كبير دهاء و مكر اليهود حين يخططون و يرسمون للإيقاع بأعدائهم ) نحن و غيرنا ( بتقديم شراب الب