وفــــاء بوعد
لم تكن ليلي ترغب أن
تستوعب حقيقة نجاحها في شهادة الباكالوريا لأنها و ببساطة أرادت أن تعيش في سكرات
النشوة بفرحتها العارمة...
أكثر من 13 سنة و هي
تنتظر هذه الفرصة..هذه المناسبة..هذه السعادة الغامرة فبالنسبة لها النجاح في شهادة
التعليم الثانوي هو خطوة إلى الأمام لتحقيق الأهداف و الأحلام و ما أكثرها..
تفتخر أمام بنات عمها
و عمتها بأنها أحسن منهن مستوى و أجمل و أبهى..
-
و كم معدلك؟
-
14.56 عمتي..
تفتخر لأن ابنة عمتها هذه بالذات لم تفلح حتى في أخذ شهادة التعليم
الأساسي..
-
و ماذا ستدرسين في الجامعة؟
-
محتارة بين ثلاث اختيارات..
-
و ما هي؟
-
علم الاجتماع ، علم النفس و ترجمة..
اختصاص ترجمة بالذات كان حلم عمتها لابنتها.. تحس العمة بحموضة رقيقة
و لا تقدر على المجاملة هنيهة ثم تقيم ظهرها و تبدي ابتسامة ليس لها لون..
-
أليس علم النفس أفضل هكذا تصبحين طبيبة نفسانية؟؟..
تريد ليلى أن تظهر لعمتها أنها تفهمها كثيرا..
-
أظن أنني أحب الترجمة أكثر..هكذا أتكلم أكثر من لغة واحدة..
تشعر العمة بيبوسة في أطرافها إذ أنها فهمت قصد ليلى جيدا و تتذكر يوم
كانت صغيرة في الابتدائي..و كانت العائلة مجتمعة على عشاء..تقترب ليلى الصغيرة من
عمتها التي طالما انبهرت بصلابتها و ثقافتها الفرانكفونية محاولة أن تنطق بجملة
مركبة بالفرنسية عسى عمتها تفرح بها..
-
Je vous
promettre ma tante de réussite
و تجد العمة المغرورة نفسها في موقف جيد لتنال
من أم ليلى..لتجرح احاسيسها..لتذكرها بانها أفضل منها..ترد بالفرنسية:
- Ta phrase ma
chère est incorrecte..mais c'est tous à fait normale.. qui va t'aider à
apprendre la conjugaison? Ta mère?..
فهمت ليلى الصغيرة جواب عمتها و أيضا فهمت
أمها...لذلك حضرت نفسها للنجاح دوما و للتقدم..ها هي الآن ترد الجميل بنعومة و
صلاح...
-
لا تحزني يا منى..ستنجحين السنة القادمة..
ابنة العمة التي تربت و ترعرعت على الثقافة
الفرانكفونية و على عادات برستيجية و تقاليد ارستقراطية لم تنل شهادة الباكالوريا
هذا العام..
-
مشكلة منى هي الغش في التصحيح..لقد أخطؤوا في
نقاطها..
تجيب العمة ليلى بنرفزة ممزوجة بهدوء اصطناعي..و
بدورها تبتسم ليلى و تعانق والدتها و تستمر جلسة العائلة و الأحبة احتفالا بنجاحها
الغامر..