التخطي إلى المحتوى الرئيسي

لماذا نقــرأ؟




سؤال قد يبدو عاديا و لكنه يحمل الكثير و الكثير من التفسيرات و المعاني، و قد نكون من أولئك الذين طرحوه على أنفسهم أو من أولئك الذين استقبلوه من آخرين لم تعرف أياديهم لمسة على كتاب، فأتخيلهم يقولون: " بالله عليكم لماذا تتعبون أنفسكم....و تقرؤون؟؟


بالنسبة لي فالجواب متشعبّ و لا استطيع تحديده بإفراد سبب واحد وجيه لذلك سأشارككم أصدقائي و قرائي الأسباب التي تجعلني أقرأ..



1- أقرأ لأنّ القراءة هدية حبّ : فحبّ المطالعة شيء قد يولد معنا و قد لا يولد أيضا و لكنّه حتما اكتساب منطلق من البيئة التي ولدنا فيها، فأنا قد فتحت عيني على مجموعة من الكتب في بيتنا كانت لوالدي حفظه الله و رعاه، و أذكر أنه كان لا يفوّت قراءة الجرائد يوميا و بعض الكتب الطبية.
هذه البيئة كانت هدية حبّ عظيمة أترعرع فيها و أنمو كالنبتة الصغيرة و لطالما أثارتني رائحة صفحات كتب والدي القديمة و ذبت في لونها البنيّ.




2- أقرأ لأنّه يتوجبّ عليّ القراءة: أؤمن بأن القراءة بصفة خاصّة و التعلّم بصفة عامّة هو واجب و فرض عين حيث أنّنا كبرنا على سورة اقرأ و على دروس و مواّد علمية تحثنا على العلم و التعلّم، فكيف نتعلّم و نتفقّه بدون أن نقرأ؟؟؟. شخصيا لا أستطيع فهم أولئك البشر الذين يحملون عقولا داخل جماجمهم كيف يتنفسون و هم لا يقرؤون؟؟ ففعل المطالعة هو حقيقة تمرين عضليّ ذهنيّ بحث و هو يساعد على الاسترخاء و يشعر النفس بالمتعة التي لا تضاهيها متعة أخرى، كما أنها تفتح العقل ليسافر بعيدا في آفاق العلم و المعرفة و الله سبحانه و تعالى يقول في سورة الزمر الآية 9 : " قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الألْبَابِ".




3- أقرأ لأرتاح: الإنسان لابدّ و أنّه يحتاج لوقت مستقطع ليرتاح من أفكاره الخاصّة التي تقتل عقله خصوصا في خضم الحياة العصرية المقلقة التي نعيشها، لذلك أستطيع القول و بكلّ صدق أنّني ارتاح أيّما راحة و أنسى نفسي و عالمي كلّه و أنا أقرأ، خصوصا مطالعة رواية من الروايات الأخّاذة فهي تستطيع أن تجعلني أندمج في عالم شخصياتها و أبطالها و كأنّني جارتهم التي تحشر أنفها في حياتهم و تتلصّص خفية على علاقاتهم.







4- أقرأ لأختبر أفكار الآخرين: الكتّاب مختلفون باختلاف دينهم و جنسهم و إيديولوجياتهم و عوالمهم و لن نلمس هذا الاختلاف إلا إذا اختبرنا أفكارهم بمطالعة كتبهم و هذا يدفعني على فهم العالم بطريقة مختلفة فلا أكون متحجّرة الأفكار و لا أميل إلى القوقعة و الانزواء في صندوق الأنا.هذه النقطة تعلّمني كيفية التعامل مع الآخر الذي لا أتفق معه في الرأي و جعلني أقدر على نيل درجات عليا في سلّم الفهم و قبول وجود الآخر و ليس تقبّل فكره.



5- أقرأ لأجدّد مخيّلتي: ككاتبة يتوجّب عليّ أن أخضع مخيّلتي للتجديد و التحديث و عرض أفكاري على عيادة اللّغة و المفردات لتتقولب و تسطع مجدّدا لتكون على أتمّ الاستعداد لتستلقي على الورق، و هذا لن يحدث أبدا إلا إذا غطست في بحر الكتب و الكتّاب، فالقراءة تجعلني أنشط ذهنياّ لأستعرض بعد ذلك صورا مركّبة تسبح في خيالي و كأنّها فرقة رقص عجيبة خاصّة بي أنا وحدي.




أستطيع أن أضيف أسبابا كثيرة لأجيب عن ذاك السؤال الذي حيّر الذين لا يقرؤون، و أنا متأكّدة من خراب عقولهم و فراغ أرواحهم التي تجعلهم لا يفهمون و لا كلمة ممّا ذكرت آنفا، فمحال أن نفهم و نعي أسلوب التفكير الراقي و السامي دون أن نشارك في مجتمع المطالعة في جميع مجالاتها السياسية و الثقافية و الاجتماعية و النفسية و غيرها من الميادين التي تجعلنا نشعر و كأنّنا دكاترة في اختصاصات متعدّدة، و كأنّنا درست في جميع الكلّيات و أخذنا جميع الشهادات التي هي معتمدة على وجه هذه المعمورة. و يا عجبا كل العجب فعلا و حقا من دكاترة و أساتذة حقيقيون.... لا يقرؤون؟!!!!





بقلم سهيلة سعدوني




المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أحابيل الشيطان

أحابيل الشطيان بعد أسبوع من المعاناة و التقلّبات المزاجية أنهيت رواية قواعد العشق الأربعون و بيدي سبعة قصاصات تحوي نقاطا و أفكار استنبطتها من الكتاب و هي كثيرة جدا، ولكنني سأحاول قدر المستطاع أن أدرجها بالترتيب الذي كتبته و أن أمحصّها و أحلّل الأهم منها حتى لا يتحوّل مقالي إلى جريدة. 1-   عنوان الرواية هو قواعد العشق الأربعون رواية عن جلال الدين الروميّ و بداخلها رواية بعنوان " الكفر الحلو" و هذا كان متعمّدا من الكاتبة التركية لأنّها تؤمن بالباطنية، الباطنية التي تحدّثت عنها طوال الرواية في شخصياتها و أحداثها و قواعدها. فالعنوان الأول يجذب القرّاء و أقطع يدي إن لم يكن جلّ من قرؤوا الرواية كان دافعهم العنوان و معرفة كيف يوقعون من يحبونهم في العشق !! . و هذا ما أردته الكاتبة تماما و قد نجحت فيه. أمّا نيّتها فهي أن توقعهم في متاهات التفكّر الشاذ و التأمّل اللاّمنطقي للدين عبر العنوان الثاني للرواية الداخلية و هو " الكفر الحلو" .و أنا بدوري تأمّلت ذكاءها الذي يشبه لحد كبير دهاء و مكر اليهود حين يخططون و يرسمون للإيقاع بأعدائهم ) نحن و غيرنا ( بتقديم شراب الب...

آراء شباب صفحة آفاق على الفايسبوك حيال موضوع التعبير عن المشاعر

موضوع الاسبوع للنقاش التعبير عن المشاعر... كثير من الناس لا يتطيع التعبير عن مشاعره و أحاسيسه مهما كان تنوعها، و الأسباب كثيرة ..فهل هي عدم الثقة في الناس؟ أم التعبير عن المشاعر يدل على ضعف الانسان؟ أم هي مشكلة نفسية نحسبها هينة و هي عظيمة؟ هل تجد(ين) صعوبة أو سهولة للتعبير عن المشاعر سواء كانت حزنا أو سعادة أو حبا أو غيره؟ Hope Heaven قد تختلف المشاعر من شخص لآخر هناك من يراها أنها ضعف و لا يجب البوح بها فيحتفظ بها لنفسه و هناك من يراها هينة و يرى أن قولها فعل يجب حدوثه و بين هذا و ذاك تترتب حالات نفسية لكلا الطرفين فالأفضل أن نبوح بمشاعرنا مهما اختلفت و إن كان الخجل من المحيطين بنا فهناك بالتأكيد أناس نثق فيهم كالأم أو الأخت أو الزوج و الزوجة على حد سواء أنا أرى أن الإنسان كتلة من المشاعر لا يمكن حصرها و الله جلا و علا لم يخلق فينا هذا من عبث لكنها الروح الانسانية التي تميز الإنسان ...تحياتي Sanaa Cool عدم التعبير عن المشاعر والاحاسيس من اصعب المواقف التي تمر على الانسان ويكمن ذالك ربما لعدم ثقته بالناس والخجل وهذا مايجعله يضبط مشاعره داخل قلبه مما قد يسبب له مكب...

قراءة لمسرحية كل شيء في الحديقة لجايلز كوبر

في حياتي كلها لم أقرأ إلا مسرحيتين الأولى كانت بعنوان la sauvage   أي المتوحشة لكاتبها جون أنوويل و ذلك حين كنت أقضي أيام العطلة الصيفية في منزل جدتي حيث كنت أنكبّ على مطالعة كتب الجيب الصغيرة جلّها لكتاب فرنسيين كان خالي يكسبها لعشقه للأدب الفرنسي. و الثانية هذه المسرحية بعنوان everything in the garden  للكاتب البريطاني جايلز كوبر و ما دفعني لقراءتها هو حديث صديقتي البرازيلية أنيتا الواقعة في غرام الأدب الانجليزي و خاصة المسرحيات عنها. المسرحيات التي أفضل مشاهدتها و لا أهتم كثيرا بقراءتها ذلك لأنني أشعر أنني سأصاب بالملل حين أنكبّ على قراءة حوار لا ينتهي من حيث أنه لا يوجد سرد للأحداث و غير ذلك. المسرحية تجري أحداثها في ضاحية من ضواحي لندن أين يعيش بعض الموسرين الذين بدت عليهم البحبوحة و الأبهة رغم مناصب شغلهم المتواضعة. و بطلا المسرحية هما برنارد و زوجته جيني اللذان يحلمان بشراء بعض الحاجيات و لكنهما لا يملكان المال الكافي لذلك. فتقرر الزوجة جيني أن تضع إعلانا في الجريدة للحصول على عمل الشيء الذي يرفضه برنارد بشدة. و المفاجأة تحدث أو تبدأ حين تزور جيني يهود...